وزيرة العلاقات مع البرلمان تعرض مشروع القانون العــضوي المعــدّل والمتمـّم للقانــون العضوي رقم 16-12 الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، أمام أعضاء لجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني.
2022-12-15
عقدت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني، صباح اليوم الخميس 15 ديسمبر 2022، جلسة عمل، برئاسة السّيد زهير خلادي، رئيس اللجنة، خصصت للاستماع إلى السّيدة بسمة عزوار، وزيرة العلاقات مع البرلمان، في إطار دراسة مشروع القانون العــضوي المعــدل والمتمـم للقانــون العضوي رقم 16-12 المـؤرخ فـي 22 ذي القعدة عام 1437 الموافق 25 غشت سنة 2016، الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
وفيما يلي النص الكامل لعرض السّيدة الوزيرة أمام أعضاء اللجنة:
بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
السّيد المحترم رئيس لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات؛
السّيدات الفضليات والسّادة الأفاضل أعضاء اللجنة؛
أسرة الإعلام؛
الحضور الكرام.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
ها أنا ذا بينكم اليوم في لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات، في إطار عرض مشروع القانون العــضوي المعــدل والمتمـم للقانــون العضوي رقم 16-12 المـؤرخ فـي 22 ذي القعدة عام 1437 الموافق 25 غشت سنة 2016، الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
ويشرفني في هذا المقام مُبَاشَرَةِ أولى إجراءات ومراحل دراسة هذا المشروع، آملة من الله التوفيق والسداد في إعطائكم نظرة عامة حول فحواه، وفتح باب النقاش معكم وكلي استعداد لسماع
انشغالاتكم وملاحظاتكم التي ستعزز حتما مبدأ التكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
إن ما باشره رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون منذ توليه قيادة البلاد من إصلاحات نابعة من التزاماته التي قطعها على نفسه في سبيل بناء جزائر جديدة، بدءً بمراجعة شاملة لدستور البلاد الذي كان من ضمن أحد أهم هذه الالتزامات، والذي زكّاه الشعب في استفتاء أول نوفمبر 2020. وما انبثَقَ عنه من قوانين عضوية غايةٌ في الأهمية، منها القانون العضوي للانتخابات والذي لا شك في أن تواجدكم اليوم تحت قبة هذا البرلمان لهو دليل قاطع على عمق هذه الإصلاحات وصدقها، وعلى التحديات التي قطعتها السلطات العليا للبلاد على نفسها في سبيل توفير ظروفٍ تضمن التـمثيل الحقيقي للشعب الجزائري واحترام خياره وسيادته، ومن هذا المنطلق أخاطبكم لأقول لكم أن هذا المشروع يندرج في إطار تكييف أحكام هذا القانون العضوي مع المقتضيات والأحكام الجديدة التي أقرها التعديل الدستوري.
وعلى هذا الأساس، فإن هذا المشروع المعروض بين أيديكم اليوم، يهدف إلـى تعديل وتتـميم بعض أحكام القانون العضوي السالف الذكر، حيث ترمي التعديلات المقترحة من خلاله إلى تنظيم عمل المؤسسة التشريعية بغرفتيها في مجالي التشريع والرقابة اللّذين يضطلع بهما أعضاء البرلمان، كما تضبط العلاقة الوظيفية التي تربطهما بالجهاز التنفيذي لضمان نجاعة أكبر وتوازن أفضل بينهما.
حيث يتضمن هذا المشروع سبعة عشر (17) مادة تشمل الجانب المتعلق بالمجال التشريعي والجانب المتعلق بالرقابة البرلمانية.
أولا/ في مجال الرقابة البرلمانية:
في إطار تعزيز آليات الرقابة البرلمانية، أدرج مشروع هذا القانون العضوي أحكاما جديدة تتعلق أساسا بـ :
- تمكين اللجان الدائمة لغرفتي البرلمان من سماع أعضاء الحكومة بخصوص كل مسألة تتعلق بالمصلحة العامة، من خلال ضبط الإجراءات الواجب اتباعها في هذا الشأن، ويقترح كذلك أن تتم عملية برمجة هذه الجلسات بالتنسيق التام مع الحكومة، وهذا تجسيدا لمفهوم التكامل والتنسيق اللذان يجب أن يطبعا العلاقة بين الحكومة والبرلمان بغرفتيه؛
- إلزام الحكومة بتقديم الوثائق والمعلومات الضرورية التي يطلبها أعضاء البرلمان بمناسبة ممارسة مهامهم الرقابية، مع استثناء تلك التي تكتسي طابعا سريا واستراتيجيا، يتعلق بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، وبالمصالح الحيوية للاقتصاد الوطني، وتلك المتعلقة بوقائع تكون محل إجراء قضائي، وهذا تسهيلا للمهام المسندة لأعضاء البرلمان؛
- منح أعضاء البرلمان لأول مرة في تاريخ الدساتير الجزائرية إمكانية استجواب الحكومة في أية مسألة وطنية وعن حال تطبيق القوانين، ينصب عنها مسؤولية الحكومة، وهو ما يبين بجلاء القفزة النوعية في مجال الممارسة الديمقراطية، والتجسيد الفعلي لمعنى العلاقة النوعية التي يجب أن تكون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ضمانا لمبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا/ في الشق المتعلق بالمجال التشريعي:
بناءً على مقتضيات الأحكام الجديدة للدستور، تضمّن هذا المشروع في مجال التشريع، ما يأتي:
- استحداث فرعا جديدا يضبط كيفيات دراسة مشاريع القوانين والمصادقة عليها حسب إجراء الاستعجال الذي يُمَكِنُ الحكومة طلب اللجوء إليه إذا استدعت الضرورة ذلك، حيث تحظى دراسة هذه المشاريع بالأولوية، مما يضفي الطابع القانوني على هذا الإجراء الذي تمت دسترته؛
وفي هذا الشأن، حدد مشروع هذا القانون العضوي، مبدئيا، أجل عشرة أيام (10) على الأكثر للمصادقة النهائية على مشاريع القوانين، مع إخضاعها للدراسة والمناقشة والتصويت حسب الاجراءات العادية؛
إن هذا الإجراء الذي تضمنته أحكام هذا المشروع المعروض بين أيديكم اليوم، سيُضفي مرونة أكثر في إجراءات معالجة مشاريع القوانين التي تكتسي خصوصية وأولوية في دخولها حيز التنفيذ، لما تلعبه أحكامها من أهمية بالغة في تسيير شؤون الدولة وتحقيق مقتضيات الشأن العام؛
- ضبط وتوضيح إجراء التصويت مع المناقشة المحدودة، وذلك على ضوء الممارسة البرلمانية، حيث مكّن مشروع هذا القانون العضوي اللجنة المختصة من توسيع تشكيلتها حتى يتسنى لأكبر عدد من أعضاء البرلمان إبداء أرائهم وملاحظاتهم حول مشاريع واقتراحات القوانين التي تكون محل هذا الإجراء، وذلك في غياب جلسة المناقشة العامة؛
وإذا كان طلب المصادقة على مشاريع القوانين حسب إجراء الاستعجال لا يخضع لقرار مكتب الغرفة المعنية، فإن طلب إجراء التصويت مع المناقشة المحدودة يخضع حتما لقرار المكتب، حيث يخول له الفصل في طلب الحكومة بالقبول أو الرفض.
ألغى مشروع هذا القانون العضوي، من جهة أخرى، شرط العدد للمبادرة بالقوانين، على ضوء أحكام المادة 143 من الدستور، التي خولت لكل من النواب وأعضاء مجلس الأمة الحق بالمبادرة باقتراح القوانين دون تحديد عدد معين من نواب المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة للتوقيع عليها، مما يبين الإرادة السياسية للدولة في إشراك أوسع لعضو البرلمان في صناعة القوانين وترجمة تطلعات الشعب ومطالبه؛
- إدراج صيغة جديدة للتصويت على مشاريع القوانين وذلك بالطريقة الإلكترونية، بهدف إضفاء شفافية أكبر على هذه العملية، وتوظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة تماشيا مع ما هو معمول به في برلمانات الدول الأخرى، وهو ما يعد تكريسا حقيقيا لأحد أهم مبادئ الديمقراطية، وتحقيقا للأهداف المسطرة الرامية لعصرنة مؤسسات الدولة؛
- واستكمالا للإجراءات العملية لاستدعاء اللجنة المتساوية الأعضاء، ينص المشروع على أن يكون تبليغ الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، فوريا، بعد حدوث الخلاف بين غرفتي البرلمان حول أحكام نص القانون محل الخلاف، من قبل رئيس الغرفة التي حصل على مستواها الخلاف، كإجراء أولي لطلب استدعاء اجتماع اللجنة من قبل الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة.
وعلى صعيد آخر، فقد كرّس هذا المشروع مدة الدورة البرلمانية العادية المحددة بعشرة (10) أشهر كأقصى حد، تبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر يونيو، وهذا تجسيدا لما جاء به المؤسس الدستوري.
كما أدرج هذا التعديل بعض التحسينات اللغوية على القانون العضوي الساري المفعول، وشمل أيضا الجوانب الشكلية الآتية:
- إعادة النظر في مواد الإسناد الدستوري بما يتماشى والترقيم الجديد لمواد دستور نوفمبر 2020؛
- تكريس عبارة "بعد الأخذ بقرار المحكمة الدستورية" بدلا من "بعد الأخذ برأي المجلس الدستوري"، وذلك تطبيقا لما أقره الدستور الجديد، وتفعيلا للدور الذي تلعبه مُؤسسةٌ دستوريةٌ أُنيطت لها مهمة رقابة مدى دستورية النصوص التشريعية، خصوصا القوانين العضوية؛
- التكفل بالحالات الجديدة التي أوردها الدستور؛ كحالة "رئيس الحكومة"،
و"برنامج الحكومة"، إلى جانب "الوزير الأول" و"مخطط عمل الحكومة"؛
- استبدال عبارة "مداولة ثانية" التي يمكن لرئيس الجمهورية أن يطلبها قبل إصدار النص التشريعي بعبارة "قراءة ثانية" في النص باللغة العربية.
تلكم هي أهم التعديلات التي تضمنتها أحكام مشروع هذا القانون العضوي المعروض عليكم .
السيدات الفضليات السادة الأفاضل؛
إنّ تواجدي معكم اليوم يتطلب تكاثف وتظافر كل الجهود دون استثناء في سبيل إثراء الأحكام القانونية شكلاً ومضموناً، وبالتالي إضفاء الشرعية والمشروعية اللاّزمتين على النصوص الجديدة؛ وإتاحة المجال للعمل وفي أقرب الآجال على منح الفرصة لظهور آثار هذا التعديل، سيما ما تعلق منها بالنظام الداخلي لغرفتي البرلمان، والذي ينتظره الأخوات والإخوة النواب لتمكينهم من حقوقهم وتحديد واجباتهم، وننتظره كذلك للتمكن من إكمال تحديد وضبط العديد من الأمور والإجراءات المتعلقة بالعهدة البرلمانية، بغض النظر عمّا إذا كان النصّ بمبادرةٍ برلمانية أو بمشروعٍ حكومي، فكلاهما سيان وكلاهما يتقاسمان نفس القَدْرْ من المسؤولية بخصوص جودة النصوص وفعاليتها ومدى مطابقتها لأحكام الدستور الجديدة، كما يتقاسمان أيضا وبنفس القَدْرْ العزيمة والإرادة والطموح والتطلع إلى المساهمة في بناء أفضل للوطن والتأسيس لدولة الحق والقانون، تلك الدولة التي كافح من أجلها مجاهدينا الأحرار وحلم بها وضحى عليها شهداؤنا الأبرار.
شكرًا لكم على كرم الإصغاء،
و السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
2024-07-11 إقرأ المزيد ...