وزيــــرة العلاقـــات مع البرلمـان تعرض مشروع القانون العضوي المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم 16-12 الذي يحدّد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفيـــة بينهما وبين الحكومة بالمجلس الشعبي الوطني
2023-02-21
عقد المجلس الشعبي الوطني، اليوم الثلاثاء 21 فيفري 2023، جلسة عامة برئاسة السيد إبراهيم بوغالي رئيس المجلس، بحضور السيدة بسمة عزوار وزيرة العلاقات مع البرلمان، خصصت لعرض و مناقشة مشروع القانون العضوي المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم 16-12 الذي يحدّد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفيـة بينهما وبين الحكومة. وفيما يلي النص الكامل لعرض السيدة الوزيرة امام السيدات و السادة اعضاء المجلس:
بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
السّيد المحترم رئيس المجلس الشعبي الوطني،
السيد المحترم رئيس لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات وأعضائها الأكارم،
السّيدات الفضليات والسّادة الأفاضل نواب مجلسنا الشعبي الوطني ،
أسرة الإعلام؛
الحضور الكريم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يُشرِفنِي أن أعرض أمام مجلسكم الموقر، مشروع القانون العــضوي المعــدل والمتمـم للقانــون العضوي رقم 16-12 المـؤرخ فـي 22 ذي القعدة عام 1437 الموافق 25 غشت سنة 2016، الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
في البداية، دَعُونِي أقُـول لكـم أن ما باشره رئيــس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون منذ توليه قيادة البلاد من إصلاحات نابعة من التزاماته التي قطعها على نفسه في سبيل بناء جزائر جديدة، بدءً بمراجعة شاملة لدستور البلاد الذي كان من ضمن أحد أهم هذه الالتزامات، والذي زكّاه الشعب في استفتاء أول نوفمبر 2020. وما انبثَقَ عنه من قوانين عضوية غايةٌ في الأهمية، منها القانون العضوي للانتخابات والذي لا شك في أن تواجدكم اليوم تحت قبة هذا البرلمان لهو دليل قاطع على عمق هذه الإصلاحات وصدقها، وعلى التحديات التي قطعتها السلطات العليا للبلاد على نفسها في سبيل توفير ظروفٍ تضمن التـمثيل الحقيقي للشعب الجزائري واحترام خياره وسيادته.
إن هذا المشروع يندرج في إطار تكييف أحكام هذا القانون العضوي مع المقتضيات والأحكام الجديدة التي أقرها التعديل الدستوري.
وعلى هذا الأساس، فإن هذا المشروع المعروض بين أيديكم اليوم، يهدف كما قلت إلـى تعديل وتتـميم بعض أحكام القانون العضوي السالف الذكر تطبيقا لأحكام التعديل الدستوري الناصة على ذلك، حيث ترمي التعديلات المقترحة من خلاله إلى تنظيم عمل المؤسسة التشريعية بغرفتيها في مجالي التشريع والرقابة اللّذين يضطلع بهما أعضاء البرلمان، كما تضبط العلاقة الوظيفية التي تربطهما بالجهاز التنفيذي لضمان نجاعة أكبر وتوازن أفضل بينهما.
إن هذه التعديلات تستمد روحها من صلب الدستور نفسه وأن مسارها جاء في إطار احترام منهجية واحدة تم على أساسها إعداد جميع القوانين التي صدرت بعد التعديل الدستوري المذكور آنفا.
حيث يتضمن هذا المشروع سبعة عشر (17) مادة تشمل الجانب المتعلق بالرقابة البرلمانية وكذا الجانب المتعلق بالمجال التشريعي.
أولا/ في مجال الرقابة البرلمانية:
في إطار تعزيز آليات الرقابة البرلمانية، أدرج مشروع هذا القانون العضوي أحكاما جديدة تتعلق أساسا بــــــ:
✅ تَمْكِينْ اللِجَانِ الدائمة لغرفتي البرلمان من سماع أعضاء الحكومة بخصوص كل مسألة تتعلق بالمصلحة العامة، من خلال ضبط الإجراءات الواجب اتباعها في هذا الشأن، ويقترح كذلك أن تتم عملية برمجة هذه الجلسات بالتنسيق التام مع الحكومة، وهذا تجسيدا لمفهوم التكامل والتنسيق اللذان يجب أن يطبعا العلاقة بين الحكومة والبرلمان بغرفتيه؛
✅ إلزام الحكومة بتقديم الوثائق والمعلومات الضرورية التي يطلبها أعضاء البرلمان بمناسبة ممارسة مهامهم الرقابية، مع استثناء تلك التي تكتسي طابعا سريا واستراتيجيا، يتعلق بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، وبالمصالح الحيوية للاقتصاد الوطني، وتلك المتعلقة بوقائع تكون محل إجراء قضائي، وهذا تسهيلا للمهام المسندة لأعضاء البرلمان؛
✅ مَنْحْ أعضاء البرلمان لأول مرة في تاريخ الدساتير الجزائرية إمكانية استجواب الحكومة في أية مسألة وطنية وعن حال تطبيق القوانين، ينصب عنها مسؤولية الحكومة، وهو ما يبين بجلاء القفزة النوعية في مجال الممارسة الديمقراطية، والتجسيد الفعلي لمعنى العلاقة النوعية التي يجب أن تكون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ضمانا لمبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا/ في المجال التشريعي:
بناءً على مقتضيات الأحكام الجديدة للدستور، تضمّن هذا المشروع في مجال التشريع، ما يأتي:
✅ إسْتِحْدَاث فرعْ جديدْ يضبط كيفيات دراسة مشاريع القوانين والمصادقة عليها حسب إجراء الاستعجال الذي يُمَكِنُ الحكومة طلب اللجوء إليه إذا استدعت الضرورة ذلك، حيث تحظى دراسة هذه المشاريع بالأولوية، مما يضفي الطابع القانوني على هذا الإجراء الذي تمت دسترته؛
وفي هذا الشأن، حدد مشروع هذا القانون العضوي، مبدئيا، أجل عشرة أيام (10) على الأكثر للمصادقة النهائية على مشاريع القوانين، مع إخضاعها للدراسة والمناقشة والتصويت حسب الاجراءات العادية؛
إن هذا الإجراء الذي تضمنته أحكام هذا المشروع المعروض بين أيديكم اليوم، سيُضفي مرونة أكثر في إجراءات معالجة مشاريع القوانين التي تكتسي خصوصية وأولوية في دخولها حيز التنفيذ، لما تلعبه أحكامها من أهمية بالغة في تسيير شؤون الدولة وتحقيق مقتضيات الشأن العام؛
✅ ضَبْطْ وتوضيح إجراء التصويت مع المناقشة المحدودة، وذلك على ضوء الممارسة البرلمانية، حيث مَكَّنَ مشروع هذا القانون العضوي اللجنة المختصة من توسيع تشكيلتها حتى يتسنى لأكبر عدد من أعضاء البرلمان إبداء أرائهم وملاحظاتهم حول مشاريع واقتراحات القوانين التي تكون محل هذا الإجراء، وذلك في غياب جلسة المناقشة العامة؛
وإذا كان طلب المصادقة على مشاريع القوانين حسب إجراء الاستعجال لا يخضع لقرار مكتب الغرفة المعنية، فإن طلب إجراء التصويت مع المناقشة المحدودة يخضع حتما لقرار المكتب، حيث يخول له الفصل في طلب الحكومة بالقبول أو الرفض.
✅ ألغى مشروع هذا القانون العضوي، من جهة أخرى، شرط العدد للمبادرة بالقوانين، على ضوء أحكام المادة 143 من الدستور، التي خولت لكل من النواب وأعضاء مجلس الأمة الحق بالمبادرة باقتراح القوانين دون تحديد عدد معين من نواب المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة للتوقيع عليها، مما يبين الإرادة السياسية للدولة في إشراك أوسع لعضو البرلمان في صناعة القوانين وترجمة تطلعات الشعب ومطالبه؛
✅ إدراج صيغة جديدة للتصويت على مشاريع القوانين وذلك بالطريقة الإلكترونية، بهدف إضفاء شفافية أكبر على هذه العملية، وتوظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة تماشيا مع ما هو معمول به في برلمانات الدول الأخرى، وهو ما يعد تكريسا حقيقيا لأحد أهم مبادئ الديمقراطية، وتحقيقا للأهداف المسطرة الرامية لعصرنة مؤسسات الدولة؛
✅ وإستكمالا للإجراءات العملية لاستدعاء اللجنة المتساوية الأعضاء، ينص المشروع على أن يكون تبليغ الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، فوريا، بعد حدوث الخلاف بين غرفتي البرلمان حول أحكام نص القانون محل الخلاف، من قبل رئيس الغرفة التي حصل على مستواها الخلاف، كإجراء أولي لطلب استدعاء اجتماع اللجنة من قبل الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة.
وعلى صعيد آخر، فقد كرّس هذا المشروع مدة الدورة البرلمانية العادية المحددة بعشرة (10) أشهر كأقصى حد، تبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر يونيو، وهذا تجسيدا لما جاء به المؤسس الدستوري.
كما أدرج هذا التعديل بعض التحسينات اللغوية على القانون العضوي الساري المفعول، وشمل أيضا الجوانب الشكلية الآتية:
✅ إعادة النظر في مواد الإسناد الدستوري بما يتماشى والترقيم الجديد لمواد دستور نوفمبر 2020؛
✅ تكريس عبارة "بعد الأخذ بقرار المحكمة الدستورية" بدلا من "بعد الأخذ برأي المجلس الدستوري"، وذلك تطبيقا لما أقره الدستور الجديد، وتفعيلا للدور الذي تلعبه مُؤسسةٌ دستوريةٌ أُنيطت لها مهمة رقابة مدى دستورية النصوص التشريعية؛
✅ التكفل بالحالات الجديدة التي أوردها الدستور؛ كحالة "رئيس الحكومة"، و"برنامج الحكومة"، إلى جانب "الوزير الأول" و"مخطط عمل الحكومة"؛
✅ استبدال عبارة "مداولة ثانية" التي يمكن لرئيس الجمهورية أن يطلبها قبل إصدار النص التشريعي بعبارة "قراءة ثانية" في النص باللغة العربية.
تلكم هي أهم التعديلات التي تضمنتها أحكام مشروع هذا القانون العضوي المعروض عليكم.
السيد رئيس المجلس،
السيدات الفضليات السادة الأفاضل؛
إنّ تواجدي معكم اليوم ممثلة للحكومة مكلفة بالعلاقات مع البرلمان وقد كنت نائبا مثلكم من قبل، يقتضي مني دعوتكم إلى تكاثف وتظافر كل الجهود في سبيل تعزيز الترسانة القانونية لبلادنا بدعم هذا المشروع، وبالتالي إتاحة المجال للعمل به وفي أقرب الآجال قصد منح الفرصة لظهور آثار هذا التعديل، سيما ما تعلق منها بالنظام الداخلي لغرفتي البرلمان، والذي ينتظره الأخوات والإخوة النواب لتمكينهم من حقوقهم وتحديد واجباتهم، وننتظره كذلك للتمكن من إكمال تحديد وضبط العديد من الأمور والإجراءات المت، الشيء الذي سيتيح لنا جميعا تأدية المهام المنوطة بنا حكومةً وبرلمانا، بكل نجاعة ومسؤولية وبذلك نكون قد وفقنا في تقديم خدمة تشريعية تستجيب لتحديات بلادنا ،بغض النظر عمّا إذا كان النصّ بمبادرةٍ برلمانية أو بمشروعٍ حكومي، فكلاهما سيان وكلاهما يتقاسمان نفس القَدْرْ من المسؤولية بخصوص جودة النصوص وفعاليتها ومدى مطابقتها لأحكام الدستور الجديدة، كما يتقاسمان أيضا وبنفس القَدْرْ العزيمة والإرادة والطموح والتطلع إلى المساهمة في بناء أفضل للوطن والتأسيس لدولة الحق والقانون، تلك الدولة التي دعى إليها السيد رئيس الجمهورية وكافح من أجلها مجاهدينا الأحرار وحلم بها وضحى عليها شهداؤنا الأبرار.
وفي الأخير، لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص شكري إلى السيد رئيس لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات وأعضائها على المجهودات المبذولة في دراسة ومناقشة وإثراء مشروع هذا القانون الذي يكرس علاقة التكامل والتعاون بين الحكومة والبرلمان.
شكرًا لكم على كرم الإصغاء،
و السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
2024-07-11 إقرأ المزيد ...