وزير العمل يعرض مشروع قانون يتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية و تسويتها و ممارسة حق الإضراب أمام أعضاء الشعبي الوطني
2023-04-05
واصل المجلس الشعبي الوطني، مساء اليوم الأربعاء 05 أفريل 2023، أشغال جلسته العامة برئاسة السيد غالي لنصاري رئيس نائب رئيس المجلس، بحضور السيد فيصل بن طالب وزير العمل و التشغيل و الضمان الاجتماعي، و السيدة بسمة عزوار وزيرة العلاقات مع البرلمان، حيث عرض السيد وزير العمل مشروع قانون يتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية و تسويتها و ممارسة حق الإضراب أمام أعضاء المجلس.
في بداية عرضه اشار السيد الوزير ان مشروع قانون يتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية للعمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب يلغي ويحل محل القانون رقم 90-02 المؤرخ في 10 رجب عام1410، الموافق 6 فبراير 1990.
و قال ان إعداد مشروع هذا القانون يأتي في إطار تجسيد أحد الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي المستمد من توجيهات السيد رئيس الجمهورية لاسيما المتعلقة بمحور العلاقات المهنية و الحوار الاجتماعي، استكمالا لبناء وتوطيد المنظومة القانونية الوطنية في مجال العمل و تكريسا لأحكام دستور سنة 2020 لاسيما المادة 70 منه التي تنص على أن:
" الحقّ في الإضراب مُعترَف به، ويُمارَس في إطار القانون.
يمكن أن يمنع القانون ممارسة هذا الحقّ، أو يجعل حدودا لممارسته في ميادين الدّفاع الوطنيّ والأمن، أو في جميع الخدمات أو الأنشطة العموميّة ذات المصلحة الحيويّة للأمة".
يهدف مشروع هذا القانون إلى ترقية وتعزيز الحوار الاجتماعي ومختلف آليات التسوية الودية، بغرض الوقاية من النزاعات الجماعية للعمل وإقامة علاقات مهنية رصينة، متينة ودائمة،
قوامها التوازن بين حقوق العمال ومصالح المستخدمين، بما يضمن الحفاظ على مناصب الشغل وديمومة الآلة الإنتاجية دون المساس بالحق الجماعي في الدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للعمال، الذي يقوم على مبدئين دستوريين أساسيين، ألا وهما، الحق في العمل النقابي والحق في ممارسة الإضراب في إطار القانون.
إن حتمية هذا المشروع أملته ضرورتان اثنتان:
- توفير آليات فعالة للوقاية وتسوية النزاعات الجماعية للعمل وذلك بتأسيس لآليات التسوية كالمصالحة و الوساطة و التحكيم قصد إلزام الشركاء الاجتماعيين بالعمل بشكل توافقي خلال مراحل الحوار الاجتماعي لتسوية نزاعاتهم.
- إيجاد توازن بين حق الإضراب والحقوق الأخرى ذات القيمة الدستورية كاستمرارية الخدمة العمومية (المادة 27 من الدستور)، وحرية المقاولة (المادة 61 من الدستور)، وكذلك حرية العمل (المادة 66 من الدستور).
تضمن مشروع هذا القانون عدة مقتضيات عامة وأحكاما جديدة، خاصة تلك المتعلقة بوضع تعاريف لعدة مفاهيم لرفع اللبس عنها.
كما نص هذا المشروع، على أحكام تتعلق بآليات الوقاية وتسوية النزاعات الجماعية للعمل في القطاعين الاقتصادي والوظيفة العمومية ، وتتمثل أهم هذه الآليات فيما يلي:
- إلزام الشركاء الاجتماعيين على عقد اجتماعات دورية للحوار الاجتماعي وذلك على الأقل في كل سداسي، على أن تتضمن الاتفاقيات والاتفاقات الجماعية للعمل، البنود المتعلقة بالتسوية الداخلية للنزاعات الجماعية للعمل، كخطوة أولى على الأقل قبل اللجوء إلى آليات التسوية الخارجية.
- إتباع نظام تدرجي إلزامي في محاولة علاج وتسوية النزاعات الجماعية للعمل، إذ تعتبر المصالحة أمام مفتشية العمل، أول إجراء يجب أن يلجأ إليه طرفا النزاع الجماعي لتسوية نزاعهما.
يتم اللجوء بعد ذلك إلى الوساطة، كمرحلة ثانية، لحل النزاع الجماعي في القطاع الاقتصادي إلزاما، وفي قطاع الوظيفة العمومية كآلية بديلة إختيارية لفض النزاعات.
كما ينص هذا المشروع، على إمكانية اللجوء إلى التحكيم بعد استنفاد الطـرق الوديـة السـابقة، باعتباره المرحلـة الأخيـرة فـي تسـوية النـزاع الجماعي للعمل، بموجب القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإجــراءات المدنيــة والإداريــة (المواد من 1006 إلى 1024)، بالإضافة إلى التحكيم الإلزامي الذي يتعلق بضرورات اجتماعية واقتصادية.
حيث يُمكّن مشروع القانون السلطات العمومية من إحالة النزاع الجماعي للعمل، حسب الحالة، على لجنة التحكيم الوطنية أو اللجان الولائية، مما يترتب عنه تعليق الإضراب وإصدار حكم واجب النفاذ.
يدرج مشروع هذا القانون لأول مرة، تعريفاً للإضراب على أنه " توقف جماعي ومتفق عليه عن العمل بهدف تلبية مطالب إجتماعية ومهنية محضة يقرره العمال الأجراء أو الأعوان العموميون وفقاً للأحكام والإجراءات المنصوص عليها في هذا النص وبما يتوافق مع متطلبات نشاط المؤسسة واستمرارية الخدمة العمومية، بعد استنفاد الإجراءات الإجبارية الودية لتسوية النزاع وطرق التسوية الأخرى المحتملة المنصوص عليها في الاتفاقيات أو الاتفاقات الجماعية للعمل."
و حدد المشروع الشروط والضوابط القانونية لممارسة حق الإضراب من أجل تفادي توقفات العمل غير المهنية والعشوائية، حتى لا تتجاوز الحدود المسموحة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي مما قد يؤدي إلى المساس بحقوق و مصالح المجتمع.
وفي هذا الصدد، يحظُر هذا المشروع التوقفات عن العمل غير القانونية، كتلك التي تُشن لأسباب سياسية، أو بغرض تضامني أو لسبب ليس له صلة بالمصلحة المهنية للعمال أو عندما يتعلق الأمر بإضراب مفتوح، أو شٌنّ بطريقة فجائية أو متقطعة.
وذكر السيد الوزير بالإضرابات المسجلة في الفترة الممتدة من سنة 2013 الى غاية سنة 2022، والتي بلغت 2173 اضراب، 165 منها على المستوى الوطني، شارك فيها ازيد من مليون وسبعمائة الف عاملا وموظفا (1.753.583).
و اشار ان جل هذه الإضرابات، جاءت مخالفة للأحكام التشريعية المعمول بها لاسيما عقد الإجتماعات الدورية واللجوء إلى المصالحة.
فضلا على ذلك فإن كل الدعاوى التي رفعتها الهيئات المستخدمة أمام الجهات القضائية المختصة، أفضت إلى الحكم بعدم شرعية الاضراب، وأمرت بالتوقف الفوري للإضراب وعدم التعرض لحرية العمل أو عرقلتها.
وقد أدّت هذه الإضرابات غير القانونية الى ضياع ازيد من ثمانية ملايين يوم عمل (8.697.194)، مما كبد المؤسسات خسائر مالية معتبرة.ولذلك عزز مشروع القانون السياق الإجرائي، حيث حدد محتوى الإشعار بالإضراب من جهة ومدته من جهة أخرى.
حيث حدد مدته بـ 10 أيام عمل كحد أدنى (بدلا من 8 أيام عمل) والتي يمكن أن تصل إلى 15 يوم عمل، إذا تعلق الأمر بالمرافق الأساسية.
ويُلزم مشروع هذا القانون، العمال وممثليهم بالتصويت على الإضراب عن طريق الاقتراع السري من قبل الأغلبية البسيطة من العمال الحاضرين في جمعية عامة تضم أكثر من نصف عدد العمال المعنيين على الاقل وبحضور مُحضر قضائي.
وفي هذا الإطار، ينظّم المشروع شروط تنفيذ القدر الأدنى من الخدمة الإلزامية، الذي يجب ألا يقل عن 30٪ من تعداد العمال المعنيين بالإضراب في المرافق الأساسية التي سيحددها التنظيم والتي تعد ضرورية لاسيما لأمن الأشخاص والممتلكات وفي المحافظة على النظام العام وتلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمع.
ومن جانب آخر، يحظر مشروع القانون لجوء بعض المستَخدَمين لممارسة حق الإضراب، خاصة في مجالات الدفاع والأمن الوطنيين، وأولئك الذين يؤدون وظائف السلطة باسم الدولة، أو الذين يشغلون وظائف في قطاعات استراتيجية وحساسة لضمان الخدمة العمومية والتي قد يؤدي انقطاعها إلى تعريض حياة السكان أو سلامتهم أو صحتهم للخطر، على أن يحدد التنظيم قائمة الفئات والنشاطات المعنية.
وإدراكا لأهمية هذه الأحكام القانونية، تضمن المشروع أحكاما ردعية تنص على معاقبة المخالفين من الطرفين لاسيما في حالة عدم احترام آجال الاجتماعات الدورية وخرق إجراءات تسوية النزاعات الجماعية للعمل وعدم تنفيذ اتفاقات المصالحة والوساطة وقرارات التحكيم، بالإضافة إلى التوقف الجماعي عن العمل المخالف للأحكام القانونية، أو عرقلة حرية العمل أو عدم تطبيق القدر الأدنى من الخدمة الإلزامي أو قرار التسخير أو أي شكل من أشكال التضييق على العمال المضربين.
ومن الضروري التأكيد في الأخير، أن مشروع هذا القانون يحيل كيفيات تطبيق بعض الأحكام إلى نصوص تطبيقية تعكف دائرتنا الوزارية على إعدادها، ويتعلق الأمر بالأحكام المتعلقة بـ:
- الاجتماعات الدورية في الهيئات والإدارات العمومية،
- مهام وتشكيلة وكيفيات تعيين أعضاء المجلس المتساوي الأعضاء للوظيفة العمومية وتنظيمه وسيره،
- تشكيلة اللجنة الوطنية واللجنة الولائية للتحكيم، تنظيمهما وتسييرهما وكيفيات تعيين أعضائهما.
- مهام وكيفيات تعيين الوسطاء وأتعابهم،
- قائمة قطاعات الأنشطة ومناصب العمل التي تتطلب القدر الأدنى من الخدمة الإجبارية، وكذا قائمة المستخدمين والوظائف الممنوعين من اللجوء إلى الإضراب.
و أضاف ان حتمية مواكبة التغيرات والتطورات التي شهدها عالم الشغل منذ أكثر من 32 سنة من صدور القوانين الاجتماعية، اقتضت إعادة النظر في آليات الوقاية من النزاعات الجماعية للعمل وتسويتها وممارسة حق الاضراب.
فحجم التطلعات التي يرمي إلى بلوغها مشروع هذا القانون، بالنظر إلى تحديات عالم الشغل، يجعل منه لبنة أساسية إضافية ضمن الترسانة القانونية لبناء الجزائر الجديدة التي تهدف إلى تعزيز الحريات والحقوق الأساسية في العمل، و تحقيق التوازن بين البعدين الاجتماعي والاقتصادي، وكذا توطيد التماسك والسلم الاجتماعيين.
وبعد ذلك فتح المجال الى تدخلات السيدات و السادة اعضاء المجلس لمناقشة مشروع القانون.
2024-07-11 إقرأ المزيد ...